ويستمر الأستاذ الهواري في تقديم تفسيرات لمعنى الإعلام البديل مدعماً تفسيراته بشروح لتوجهات هذا الاعلام الخبيث محاولاً الإجابة عن الاسئلة التالية
ما هو الوجه الحقيقي للإعلام البديل ؟ ما هي التوجهات المكلف بها ؟ وكيف نفك طلاسم وألغاز الحبر السري الذي يطبع هذه التوجهات علي ظهر أوراق التمويل الغامض ؟
مرتدياً مُسوح الوعاظ يقدم لنا تفسيراً لتوجهات هذا الإعلام في النقاط التالية
يمكن تقسيم هذه التوجهات إلي مجموعات رئيسية: أولا: التوجهات السياسية: التشويش علي نظام الحكم, مع محاولة دفعه إلي موضع الدفاع الدائم عن النفس, والتأثير السلبي علي مصداقيته لدي القاعدة الشعبية الواسعة, واختطاف أبصار وأسماع وعقول المشاهدين والمستمعين والقراء بعيدا عن الخطاب السياسي للنظام. مع خلق نخب سياسية بديلة والترويج لها, وتشجيع الحركات السياسية العشوائية, والترويج للقوي السياسية غير المشروعة, وخلق حالة من الفوضي بتكبير المغامرين السياسيين, وتضخيم حالات الاعتصام والاحتجاج العمالي وإضفاء طابع سياسي وعصياني عليها, ووضعها في حالة مواجهة مزمنة مع مؤسسات الدولة.
كنت أتمنى عليك ياأستاذ أنور أن تكون أكثر إحترامناً لذكاءنا وألا تتعامل معنا على طريقة تلاميذ المدارس وأسلوب غسل اليدين قبل الأكل وبعده وشرب اللبن قبل النوم فقد تم فطامنا منذ زمن ولم يعد ينطلي علينا هذا الأسلوب !!!
هل تحاول إقناعنا أن النظام مسكين ياحرام وقد وضعه الإعلام البديل موضع المدافع الدائم عن نفسه دون أن يكون قد ارتكب مايوجب الوقوف في هذا الموقف؟؟
وهل تحاول أن تقنعنا أن مسؤولينا لازال لديهم مصداقية لدى القاعدة الشعبية الواسعة التي اختبرت كذبهم في مناسبات أكثر من أن يحصيها عقل ؟؟
وهل تحاول إثبات أن الخطاب السياسي للنظام مازال لديه مريدين والإعلام البديل هو من يحاول التشويش على المتابعين لهذا الخطاب !!!
وهل تستكثر على العمال وغيرهم أن يحتجوا أو يعتصموا للتعبيرعن رفضهم للوضع المزري الذي نعيش فيه جميعاً !!!
وهل كان الأصوب التعتيم على هذه الأوضاع في ظل السماوات المفتوحة حتى لانزعج مؤسسات الدولة التي توقفت عن خدمة مواطني هذا البلد وكرست كل رعايتها لرجال الأعمال الذين سلمتهم مفاتيح البلد بالكامل !!!!
ثانيا: التوجهات الاعلامية: تفريغ المؤسسات القومية من أصولها, وتجريدها من مواهبها, واقتطاع المزيد من جمهورها, ومحاولة إخراجها من سوق المنافسة علي الأمد الطويل. وذلك باجتذاب الصحفيين, وتوفير دخول مالية سخية, تدريبهم وتسفيرهم إلي عواصم التمويل, وفتح الخطوط بينهم وبين سفارات التمويل, والتقريب بينهم وبين مجتمع المال والأعمال بما يكفل سيطرة المال علي القرار الاعلامي, وخلق نجوم سريعة ممن يلبي وممن يستجيب ويشارك في طرح الأجندة التي تتظاهر بالانحياز لقضايا الناس وتحت هذا الانحياز تتولي تنفيذ أكبر عملية سطو علي ذاكرة الناس وعقولهم وقلوبهم والاتجاه بهم نحو كل ما يدعو إلي الشك في مجمل الثوابت الوطنية
المؤسسات القومية التي يترأسها حفنة من اللصوص الذين لايهتمون إلا بتفريغ هذه المؤسسات من مواهبها هم من تسببوا في انصراف الجماهير عنها وخرجوا بها من سوق المنافسة, هؤلاء هم من تجب محاسبتهم على خطاياهم في حقنا كملاك لهذه المؤسسات التي غرقت في الديون وتحولت لابواق تنعق بالخراب وهم من ساهموا في السطو على ذاكرة الناس وعقولهم.
ثالثا: التوجهات الاجتماعية: تدعيم الاتجاهات الفوضوية, وخلق حالة من العدمية الهدامة التي تنسف الاعتقاد في كل شئ وتنسف الاحترام لأي قيمة والنبش فيما يسمونه خصوصيات الأقليات والعزف الدائم علي أوتارها وتركيز التغطية الاخبارية الموسعة عليها بما ينزع أحاسيس الأمان والدفء القومي والانسجام بين كافة عناصر الملحمة الوطنية, وبما يزرع العداء بين شرائح معينة ضد مجموع الدولة والأمة.
لن أكرر ماقلته سابقاً من مطالبتك باحترام ذكاءنا والكف عن ترديد الترهات التي لاتنطلي على أحد
رابعا: التوجهات الدولية: مع الاعتراف بأن القائمين علي الاعلام البديل, لديهم جهل فاضح بالشئون الدولية, فإنهم ـ بسذاجة وفي حدود الفهم ـ ينفذون التوجهات المكلفين بها في هذا الشأن الدولي أو ذاك. وأرجوك وأرجوك وأرجوك اقرأ السطور التالية بعناية: صحيفة خاصة من صحف الاعلام البديل, كانت قد عينت أحد الزملاء لمنصب رئيس التحرير قبل أن تصدر الجريدة, ثم بعد ستة أشهر, وهو يعد الاعداد التجريبية, قرروا الاستغناء عنه كرئيس للتحرير. ولما سئل العضو المنتدب الذي كان وراء ذاك القرار عن سبب إعفاء الزميل قبل إصدار العدد الأول من الصحيفة مما ترتب عليه تأخير صدورها لما يقترب من عام, أجاب العضو المنتدب بصراحة شديدة: أنا سألته: ماهي تغطيتك المتوقعة لأخبار وقضايا الصراع العربي ـ الاسرائيلي ؟ فأجابني أنا ملتزم بالموقف الوطني, فقررت الاستغناء عنه لأنه لا ينفعنا, وقررنا الاكتفاء به كاتب عمود فقط. أكتفي بهذه الواقعة, واحتفظ بالعشرات, لأسجل أن صحفيا كبيرا بحجم هذا الزميل المحترم عاش ومات وهو لا يعلم سبب إبعاده من رئاسة تحرير إحدي صحف الاعلام البديل. ولأسجل للتاريخ موقفا مشرفا ـ لا يعرفه أحد ـ يضاف الي مواقف الزميل. وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت, تعمدت في يوم واحد زيارة مركز ابن خلدون, حزب الغد, صحيفة خاصة, وكانت زيارتها للصحيفة بمثابة الافتتاح الرسمي وقص الشريط ومنحها صك الاعتماد والقبول. الرئيس السابق بوش استقبل في البيت الأبيض العضو المنتدب لصحيفة خاصة, وأعطي حوارا مع قناة خاصة. صحيفة أخري, من صحف الاعلام البديل, كانت تنوي أن تدشن إصدارها في يوم تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد, وسعت للحصول علي حوار معه يكون فاتحة الكتاب ووثيقة القران السعيد.
غريب جداً أن تذكر مركز ابن خلدون وحزب الغد وتلمح للباقين !!!
يبدو أن الأوامر الصادرة لك طلبت منك التلميح لوسائل الإعلام فقط دون ذكر اسمها صراحة أو لم تواتك الشجاعة لتذكر الأسماء
أما فيما يخص الصحفي المحترم مجدي مهنا رحمه الله فعدم اختياره لرئاسة تحرير المصري اليوم وسام على صدره طالما كان سبب عدم تعيينه في المنصب تمسكه بالموقف الوطني مما يعني أن من شغل المنصب بعده بما فيهم أنت كان بلا موقف وطني مما أهله لشغل المنصب!!!!
والصحيفة طبعا هي المصري اليوم التي راست تحريرها يوما ياأستاذ والصحيفة الأخرى هي الشروق
أما البرنامج فهو العاشرة مساء
خامسا التوجهات الثقافية: أكتفي بنموذج واحد, صاحب صحيفة من صحافة الإعلام البديل, أخذ يلح ويشدد علي رئيس التحرير أن يعتمد المفكر الإسلامي فلان من ثوابت الصحيفة, وطلب إلقاء الضوء علي مؤلفاته, وإجراء حوارات معه. وتوالت المفاجآت كالتالي: مؤسسة فورد الأمريكية تتطوع من نفسها وترسل الي رئيس التحرير كرتونة كبيرة بها كل مؤلفات هذا المفكر. ومع الكرتونة كارت شخصي من المسئولة في فورد. طبعا رئيس التحرير لم يتصل بهم ولم يطلب منهم هذه الكرتونة, والأعجب أن المفكر الاسلامي نفسه لم يكن علي علم بهذه الواقعة. والعجيب أن هذه المسئولة ظهرت الي العلن وتكتب الآن مقالا أسبوعيا في إحدي صحف الإعلام البديل. قناة تليفزيونية من الاعلام البديل, دخلت علي خط المهمة, وأعدت وأذاعت حوارات منتظمة مع المفكر الاسلامي. هي نفسها التي كان قد طلبها رجل الأعمال من رئيس التحرير. صحيفة أخري من صحف الإعلام البديل, وهي تتفق مع أحد الكتاب ليكتب فيها كان الرجاء هو أن يخصص بعض المقالات لإلقاء الأضواء علي فتاوي هذا المفكر. صحيفة ثالثة من صحف الإعلام البديل ذهبت تنافس أخواتها في نشر ماقالت أنه مذكرات المفكر الإسلامي. ثلاث صحف وقناة تتسابق لأداء مهمة واحدة, والترويج لشخص واحد, أقطع جازما أنهم جميعا ماكان ليعيروه أدني إهتمام لولا أنه موصي عليه في قائمة التوجهات المكتوبة بالحبر السري علي ظهر أوراق التمويل. وفي رمضان الماضي, عادت ابنتي من الجامعة, وقالت معنا شباب يدخنون السجائر في وقت الصيام. فقلت لنفسي: إذن الإعلام البديل بدأ يؤدي الغرض من تأسيسه.
ويستمر الأستاذ في عزف هذا اللحن الذي ظهر في وقت مريب قبل حركة التعيينات الصحفية التي أتت به رئيساً لتحرير الأهرام الاقتصادي والذي يخلط فيه اجميع الأوراق لاعباً على ذاكرة القراء ومتصوراً أن كلامه هذا سينطلي علينا خاصة ونحن نتذكر كغيرنا أنه شارك في صنع هذه المهازل التي ينسبها لغيره ولم يشفع له ذكره لكثير من الحقائق لأنه سكت طويلاً وعندما تحدث جانبه التوفيق في إختيار توقيت المكاشفة والتي أعتبرها كشفاً لقناع كان يرتديه الاستاذ ومن لف لفه من أساطير الإعلام الحكومي!!!
وأختم ببيتي الشعر العبقريان لأبي الاسود الدؤلي
يا أيها الرجلُ المعلّم غيرَهُ ** هلاّ لنفسك كان ذا التعليمُ
لا تنه عن خُلُقٍ وتأتيَ مثلَهُ ** عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ
وعذراً على الإطالة
تحياتي