تابعنا جميعا تداعيات الجريمة البشعة التي وقعت بحق الشاب المصري الذي تم قتله والتمثيل بجثته في لبنان ولأول وهلة أصابني ضيق شديد ولم استغرب ردود الفعل الغاضبة التي تلت هذه المشاهد وخاصة أن من نشر الصور والفيديو الذي لم اشاهده اكتفاءً ببشاعة الصورة لم يركز الضوء الا على الجريمة الواقعة بحق الشاب المصري ولم يتحدث احد الا عن كونه مشتبهاً به ولم يقل أحد ولو على استحياء أنه متهما بجريمة قتل اربعة أبرياء كما لم يتحدث أحد إلا عن شباب القرية الذين نكلوا بالشاب ولم يذكر احد أن هناك آخرين انقذوه من بين ايديهم وذهبوا به للمستشفى للعلاج!!!
كالعادة ينطلق الناس كالطوفان الهادر الذي يجرف أمامه كل مايقابله ويترك المكان خراباً.
وأنفجرت الشتائم التي تصف الشعب اللبناني كله بما لذ وطاب حتى وصل التطرف بالبعض في التعليقات المنشورة لمطالبة الناس بنبذ العروبة والاتجاه صوب اسرائيل وكفانا مالاقيناه من العرب والعروبة وكأن إسرائيل ياحرام لم تذبح لنا أسيراً ولم تقصف لنا مدرسة ولم تتآمر علينا ولازالت !!!
ووصل الفُجر في الخصومة لدرجة مطالبة إسرائيل بالمسارعة في قصف لبنان وإراحتنا من هذا الشعب الذي يقول عن نفسه أنه متحضر !!!
قفزت إلي ذهني صور معركتنا المظفرة على الجزائر ووصلات الردح والشرشحة التي كانت سلاحنا الماضي في هذه المعركة المصيرية !!!
والجندي المجهول في المعركتين كان ولازال الإعلام الذي يحرك الجماهير ويوجهها حيث يريد ولأغراض وليس غرضاً واحداً في نفس يعقوب !!!!
لا ينكر أحد ان جريمة قتل الشاب والتمثيل بجثته بشعة وقفز على القانون ولكن التعتيم على الجريمة السابقة لها أيضا أمر مريب فلم يتحدث أحد الا عرضا عن مقتل الجد والجدة والطفلتين ولم يقل أحد إلا مؤخراً أن الشرطة اصطحبت الشاب للقرية لتمثيل الجريمة أي أنه اعترف بإرتكابها وليس بريئاً براءة كاملة.
لم يراع الناس مشاعر أهالي الضحايا وجيرانهم وجثث الابرياء لم تدُفن بعد .
الكل تحدث عن الهمجية والوحشية التي حدثت من الشعب اللبناني تجاه هذا المصري ليس لانه قاتل ولكن لأنه مصرياً وهلموا ياشباب لنصرة مصر وحمايتها من هؤلاء القتلى الحاقدين علينا نحن بلد الحضارة وأرونا كيف تثبتون حبكم لمصر وكلما شتمتم أكثر كلما أرتفع مؤشر الوطنية !!!
وطبعا لم يفت المجلس الموقر ونوابه أن يغتنموا الفرصة ويصرخوا أمام الميكروفونات للمطالبة بسرعة التدخل الرسمي
وظهرت البشارة بطلب النائب العام من وزارة الخارجية التدخل ليطلع على تحقيقات الداخلية اللبنانية
وطبعا خرجت التصريحات الرسمية منددة تارة بالهمجية والوحشية ومطالبة تارةً أخرى بضبط النفس والإحتكام للقضاء
ماعلينا
ماسبق لاغبار عليه وكنت سافرح به لو كان سلوك نوابنا في المجلس الموقر بنفس الحماس والحمية تجاه حماية الشعب المصري الذي يتم سحله وشبحه كل يوم على مذابح التجار وسماسرة الأوطان ووصل بنا الحال لتمنى الوصول للحد الأدني حتى نصبح فقراء بعد أن أصبحنا تحت خط الفقر بزمن!!!
كنت سأفرح لو كانت خارجيتنا ترعى المصريين في الغربة وتحميهم حتى يحترمهم الآخرين
كنت سأفرح لو كانت غضبة الناس حاضرة وحماسهم متقد في أمور لاتقل وحشية عن جريمة قتل هذا الشاب وليتذكروا إخوانهم في غزة الذين يتضورون جوعاً على حدودنا ويقتلهم الغاز السام في أنفاق الموت!!!
كنت سأفرح حقاً لو فكر الناس قليلاً في كل قنبلة أعلامية تنفجر في توقيتات مريبة لصرف الانتباه عن أمور أكثر أهمية !!!
لاأريد أن أُطيل عليكم فقط أحب أن أذكركم بحوادث العنف المنتشرة في كل مكان في بلدنا المسالم الوادع ويكفي أن يصرخ أحدكم في الشارع مشيراً لأحدهم ويقول حرامي حتى ينهال عليه الغادي والرائح ويوسعه ضرباً دون أن يتأكد حتى من كونه لصاً أو مظلوماً.
ولن نتحدث عن حوادث التحرش الجماعي والعنف البدني واللفظي المنتشرة في شوارعنا لأن الحديث عن هذه الأمور فقد معناه من كثرته.
في النهاية أتمنى أن يكون هناك يوم عالمي للتفكير كما يوجد يوم عالمي للضحك لعل وعسى تصيبنا عدوى التفكير
من يهُن يسهُل الهوان عليه ونحن مهانون في أوطاننا فلا نستغرب عندما نُهان في بلاد الغربة