Tuesday, January 1, 2008

هَذِي بـِلادٌ .. لمْ تـَعُـــدْ كـَبـِلادِي

«إلي شهداء مصر من الشباب الذين ابتلعتهم

الأمواج علي شواطئ إيطاليا وتركيا واليونان»

كم عشتُ أسألُ: أين وجــــــــهُ بــــلادي

أين النخيلُ وأيـن دفءُ الــوادي

لاشيء يبدو في السَّمـَــاءِ أمـامنــــــــــا

غيرُ الظـلام ِوصــورةِ الجــلاد

هو لا يغيبُ عن العيــــــــون ِكأنــــــــه

قدرٌٌ .. كيوم ِ البعــثِ والميــــلادِ

قـَدْ عِشْتُ أصْــــرُخُ بَينـَكـُمْ وأنـَـــــادي

أبْنِي قـُصُورًا مِنْ تِـلال ِ رَمَـــادِ

أهْفـُـو لأرْض ٍلا تـُسـَـــاومُ فـَرْحَتـِــــي

لا تـَسْتِبيحُ كـَرَامَتِي .. وَعِنَــادِي

أشْتـَـاقُ أطـْفـَـــــالا ً كـَحَبــَّاتِ النـَّــــدَي

يتـَرَاقصُونَ مَـعَ الصَّبَاح ِالنـَّادِي

أهْـــفـُــــو لأيـَّـام ٍتـَـوَارَي سِحْــرُهَـــــا

صَخَبِ الجـِيادِ.. وَفرْحَةِ الأعْيادِ

اشْتـَقـْــــتُ يوْمـًا أنْ تـَعـُــودَ بــِــــلادِي

غابَتْ وَغِبْنـَا .. وَانـْتهَتْ ببعَادِي

فِي كـُلِّ نَجْــم ٍ ضَــلَّ حُلـْـــٌم ضَائـِـــــع ٌ

وَسَحَابَــة ٌ لـَبسـَـتْ ثيــَـابَ حِدَادِ

وَعَلـَي الـْمَدَي أسْـرَابُ طـَيــر ٍرَاحِــــل ٍ

نـَسِي الغِنَاءَ فصَارَ سِـْربَ جَرَادِ

هَذِي بِلادٌ تـَاجَـــرَتْ فــِـي عِرْضِهـــَــا

وَتـَفـَـرَّقـَتْ شِيعًا بـِكـُـــلِّ مَـــزَادِ

لـَمْ يبْقَ مِنْ صَخَبِ الـِجيادِ سِوَي الأسَي

تـَاريخُ هَذِي الأرْضِ بَعْضُ جِيادِ

فِي كـُلِّ رُكـْن ٍمِنْ رُبــُــوع بـِـــــلادِي

تـَبْدُو أمَامِي صـُورَة ُالجــَــــلادِ

لـَمَحُوهُ مِنْ زَمَن ٍ يضَاجـِــعُ أرْضَهَـــا

حَمَلـَتْ سِفـَاحًا فـَاسْتبَاحَ الـوَادِي

لـَمْ يبْقَ غَيرُ صـُـرَاخ ِ أمـْــس ٍ رَاحـِـل ٍ

وَمَقـَابـِر ٍ سَئِمَتْ مـِــنَ الأجْـــدَادِ

وَعِصَابَةٍ سَرَقـَتْ نـَزيــفَ عُيـُـونِنـَــــا

بـِالقـَهْر ِ والتـَّدْليـِس ِ.. والأحْقـَادِ

مَا عَادَ فِيهَا ضَوْءُ نـَجْــــم ٍ شـَــــــاردٍ

مَا عَادَ فِيها صَوْتُ طـَير ٍشـَـــادِ

تـَمْضِي بـِنـَا الأحْزَانُ سَاخِــــرَة ًبـِنـَــا

وَتـَزُورُنـَا دَوْمــًا بـِـلا مِيعــَـــادِ

شَيءُ تـَكـَسَّرَ فِي عُيونـِــــي بَعْدَمَـــــا

ضَاقَ الزَّمَانُ بـِثـَوْرَتِي وَعِنَادِي

أحْبَبْتـُهَا حَتـَّي الثـُّمَالـَـــــة َ بَينـَمـَــــــا

بَاعَتْ صِبَاهَا الغـَضَّ للأوْغـَــادِ

لـَمْ يبْقَ فِيها غَيـرُ صُبْــح ٍكـَـــــــاذِبٍ

وَصُرَاخ ِأرْض ٍفي لـَظي اسْتِعْبَادِ

لا تـَسْألوُنـِي عَنْ دُمُـوع بــِــــــلادِي

عَنْ حُزْنِهَا فِي لحْظةِ اسْتِشْهَادِي

فِي كـُلِّ شِبْر ٍ مِنْ ثـَرَاهـَا صَــرْخَـــة ٌ

كـَانـَتْ تـُهَرْولُ خـَلـْفـَنـَا وتـُنَادِي

الأفـْقُ يصْغُرُ .. والسَّمَــاءُ كـَئِيبـَـة ٌ

خـَلـْفَ الغُيوم ِأرَي جـِبَالَ سَـوَادِ

تـَتـَلاطـَمُ الأمْوَاجُ فـَــوْقَ رُؤُوسِنـَــــــا

والرَّيحُ تـُلـْقِي للصُّخُور ِعَتـَادِي

نَامَتْ عَلـَي الأفـُق البَعِيـــدِ مَلامــــــحٌ

وَتـَجَمَّدَتْ بَينَ الصَّقِيـِع أيـــَـــادِ

وَرَفـَعْتُ كـَفـِّي قـَدْ يرَانـِي عَاِبـــــــــرٌ

فرَأيتُ أمِّي فِي ثِيـَــابِ حـِـــــدَادِ

أجْسَادُنـَا كـَانـَتْ تـُعَانـِـــقُ بَعْضَهـَــــا

كـَوَدَاع ِ أحْبَــابٍ بــِــلا مِيعـَــادِ

البَحْرُ لـَمْ يرْحَمْ بَـرَاءَة َعُمْرنـَـــــــــا

تـَتـَزاحَمُ الأجْسَادُ .. فِي الأجْسَادِ

حَتـَّي الشَّهَادَة ُرَاوَغـَتـْنــِي لـَحْظـَــة ً

وَاستيقـَظـَتْ فجْرًا أضَاءَ فـُؤَادي

هَذا قـَمِيـصـِـــي فِيهِ وَجْــــهُ بُنـَيتــِي

وَدُعَاءُ أمي .."كِيسُ"مِلـْح ٍزَادِي

رُدُّوا إلي أمِّي القـَمِيـــصَ فـَقـَـدْ رَأتْ

مَالا أرَي منْ غـُرْبَتِي وَمُـرَادِي

وَطـَنٌ بَخِيلٌ بَاعَنــي فـــــي غفلـــــةٍ

حِينَ اشْترتـْهُ عِصَابَة ُالإفـْسَـــادِ

شَاهَدْتُ مِنْ خـَلـْفِ الحُدُودِ مَوَاكِبــًـا

للجُوع ِتصْرُخُ فِي حِمَي الأسْيادِ

كـَانـَتْ حُشُودُ المَوْتِ تـَمْرَحُ حَوْلـَنـَا

وَالـْعُمْرُ يبْكِي .. وَالـْحَنِينُ ينَادِي

مَا بَينَ عُمْـــــر ٍ فـَرَّ مِنـِّي هَاربـــــًـا

وَحِكايةٍ يزْهـُــو بـِهـَـــا أوْلادِي

عَنْ عَاشِق ٍهَجَرَ البـِلادَ وأهْلـَهـــــــَـــا

وَمَضي وَرَاءَ المَال ِوالأمْجـَـــادِ

كـُلُّ الحِكـَايةِ أنَّهـــَـــا ضَاقـَتْ بـِنـَـــــا

وَاسْتـَسْلـَمَتَ لِلــِّـصِّ والقـَـــوَّادِ!

في لـَحْظـَةٍ سَكـَنَ الوُجُودُ تـَنـَاثـَـــرَتْ

حَوْلِي مَرَايا المَوْتِ والمِيـَـــلادِ

قـَدْ كـَانَ آخِرَ مَا لـَمَحْتُ عـَلـَي الـْمَـدَي

وَالنبْضُ يخْبوُ .. صُورَة ُالجـَلادِ

قـَدْ كـَانَ يضْحَـكُ وَالعِصَابَة ُحَوْلـَــــــهُ

وَعَلي امْتِدَادِ النَّهْر يبْكِي الوَادِي

وَصَرَخْتُ ..وَالـْكـَلِمَاتُ تهْرَبُ مِنْ فـَمِي:

هَذِي بـِلادٌ .. لمْ تـَعُـــدْ كـَبـِلادِي

فاروق جويدة

**********

هذه القصيدة هي الوحيدة التي كتبها شاعرنا الكبير فاروق جويدة في عام 2007

وسماعها بصوته يدمي القلب حقاً

من أجمل قصائده ولاتدانيها في القوة الا القصيدة التي كتبها في رثاء غرقى العبارة المصرية


4 comments:

الطائر الحزين said...

اول تعليق

لكم احترم هذا الرجل

الى الآن احفظ مرثية ما قبل الغروب
فى اى شىء امام الله قد عدلوا تاريخنا القتل والارهاب والدجل

نبكى على أمة ماتت عزائمها وفق اشلائها تساقط العلل


بارك الله فيك
تحياتى

دنـيـا محيراني(ايناس لطفي said...

اكتر مقطعين اثروا في و جعلوا الدموع تسقط من عيني
هَذِي بِلادٌ تـَاجَـــرَتْ فــِـي عِرْضِهـــَــا
وَتـَفـَـرَّقـَتْ شِيعًا بـِكـُـــلِّ مَـــزَاد
--------
وَحِكايةٍ يزْهـُــو بـِهـَـــا أوْلادِي
عَنْ عَاشِق ٍهَجَرَ البـِلادَ وأهْلـَهـــــــَـــا
وَمَضي وَرَاءَ المَال ِوالأمْجـَـــادِ
كـُلُّ الحِكـَايةِ أنَّهـــَـــا ضَاقـَتْ بـِنـَـــــا
وَاسْتـَسْلـَمَتَ لِلــِّـصِّ والقـَـــوَّادِ

احيانا الكلمات تجعل من الواقع شيء اليم اكثر من ادراكنا للحقيقه و رؤيتها لنا
هذا الرجل شاعر بلالم الناس و يعرف كيف يعبر علي اوجاعهم جعلني ابكي و ابكي علي حال اهل وطني و علي بلادي
التي لم تعد كبلادي

MerMaid said...

يا بيلا

انا يا بيلا كنت بقالي تلات ايام مش عارفة انام بسبب القصيدة دي و بالذات لما لاقيت فاروق جويدة بينشدها بنفسه

بجد تحفة

انا بقي كنت ناوية انزل بوست ليها لوحدها و عملت افلام عندي في مدونة حالة سعادة مؤقتة

بس بقي حصل اللي حصل في مدونة شوية كلام

اتمني لو عندك وقت تيجي تشوفيه
ملحــــمة

:))

تنوريني بالزيارة

اختيار رائع منك للقصيدة طبعا احييكي عليه

:))

Mermaid

غمض عينيك said...

قصيدة بجد موجعة
وكل مقطع منها يدعو الي البكاء على ما وصل اليه الحال في بلادنا
في مصر المحروسة
لنا الله من الافاقين واللصوص والقوادين

محمد سمير