Wednesday, August 22, 2007

طلاق داحس والغبراء



من أهم الحروب المروعة المؤلمة التى قامت بسبب السباق هى حرب (داحس والغبراء) وهى أشهر من نار على علم فى تاريخ العرب ، وقد احتدمت نارها أربعين عاماً بين قبيلتى عبس وذبيان أبنى بغيض بن ريث بن غطفان. والسبب الذى اشعل الشرارة الأولى لنيران هذه الحرب الضروس كان السباق الذى أجرى بين الفرسين داحس وكان فحلاً لقيس بن زهير العبسى ، والغبراء وكانت حجراً (أنثى) لحمل بن بدر الذبيانى ، وكان قد تم الاتفاق بين الطرفين على رهان قدره مائة بعير وجعلا منتهى الغاية (مسافة السباق) مائة غلوة ومدة للإضمار قدرها أر بعون يوماً. وعند انتهاء مدة الإضمار (تدريب الخيل للسباق) وحلول موعد السباق قيد الفرسان إلى موضع الانطلاق وكان حمل بن بدر صاحب الغبراء قد أعد كميناً من بعض فتيان قبيلته وراء بعض التلال على مسالك طريق السباق وأمرهم بالوثوب بوجه الفرس داحس إن جاء سابقاً فيجفل وينحرف عن الطريق المعين ويؤمن فوز الغبراء، وبدأ السباق وكانت الغبراء فى الطليعة فى بادئ الأمر ولكن سرعان ما انتزع داحس القيادة منها بدون جهد (وهذا ما كان يخشاه حمل بن ندر) ومضى الفرسان فى السباق وكان تفوق داحس واضحاً لا شك فيه إلا أنه ما كاد يصل إلى موقع الكمين حتى خرج فجأة الفتيان من المخبأ ووثبوا بوجهه فجفل ووقع وأوقع فارسه ، وبهذا فسح المجال للغبراء للفوز ، ثم نهض فارس داحس وامتطى صهوة جواده ثانية بعد أن تأكد من عدم إصابته ب عطب وانطلق داحس بفارسه كالصاعقة إثر الغبراء وكاد أن يظفر بها لولا قصر المسافة المتبقية لخط النهاية ال ذى أنقذ الغبراء وحرم داحساً من نصر محقق رغم المؤامرة التى دبرت له أثناء السباق. فازت الغبراء وطالب صاحبها بدر بالرهان وكاد أن يحصل عليه لولا أن المؤامرة انكشفت وبان زيف السباق بعد أن ندم فتيان الكمين على فعلتهم الشنعاء واعترفوا بإيعاز حمل بن بدر إليهم فى تنفيذ المؤامرة ، وقد حكم المحكمون الرهان إلى قيس بن زهير العبسي فرضخا للأمر بالفوز لداحس وطالبوا حمل بن بدر وأخاه حذيفة بن بدر بإعطاء الرهان إلى قيس بن زهير ..

فى هذه المرحلة حيث انتهى السباق المغشوش بدأت نذر الشؤم تحوم حول القبيلتين وغيوم الحرب تتلبد فى سماء عبس وذبيان تنذرهم بشر مستطير وحرب طاحنة لا تبقى ولا تذر. انتهى الأمر بسلام و كادت نار الفتنة أن تخمد وتهمد لولا أن أثارها جماعة السوء من قوم حذيفة بن بدر بتحريض من حمل شقيق حذيفة وذلك بأن لاموا حذيفة على تسليمه بالأمر الواقع وإعطائه الرهان إلى قيس ، وقرعوه على ضعفه تجاهه وأوغروا صدره ، وبدأت خيوط المأساة تحاك من جديد فقد أرسل حذيفة إلى قيس يطالبه بإرجاع الرهان ولم يكن من المنتظر أن ينال هذا الطلب غير الرفض، وقد طال الجدل بينهما دون جدوى ، وتطور النقاش إلى تراشق بالكلمات البذيئة كان بن حذيفة قد تمادى فى التطاول على قيس بالشتائم فما كان من قيس إلا أن طعنه برمح بالقرب منه وأرداه قتيلاً. و طل إله الحرب بوجهه البشع مرة ثانية ، ولكن العقلاء ورسل الخير من الطرفين قد تدخلوا وأنهوا النزاع بفر ض دية المقتول على قيس الذى وافق على تقديمها دفعاً للشر وتجنباً لوقوع مالا تحمد عقباه بين العشيرتين الشقيقتين. كان المفروض أن تتوقف أعمال العدوان بعد أن سوى النزاع وارتضاه الطرفان إلا أن روح الشر الكامنة
بحذيفة بن بدر وأخيه حمل أبت ألا تخلق ما من شأنه أن يفسد الجو بين أولاد العم ، فبعد بضعة ايام من مقتل ابن حذيفة حرض حذيفة بعض رجال قبيلته على اغتيال مالك بن زهير شقيق قيس وقد تم تنفيذ هذا الاغتيال. وجرت محاولات لإصلاح ذات البين ، وقد امتنع رؤساء عشائر عن المصالحة إلا أن قيس بن زهير كان أكثر تسامحاً من زملائه رؤساء العشائر وقبل الدية عن مقتل أخيه مالك ووافق رؤساء العشائر على مضض ، إلا ن حذيف رفض إعطاء الدية رغم تسامح قيس الذى كان يروم إرجاع المياه إلى مجاريها بين أولاد العم ، فحلت الكارثة وقامت الحرب التي استمرت اربعين عاماً ويضرب بها المثل في طول الصراع والقتال بين فريقين.

**********
سبب تذكري لهذه الحادثة التاريخية الشهيرة هو حديث أب اختفت مطلقته بطفليهما وحرمانه من رؤيتهما مايزيد على تسعة أشهر وبكى الرجل أمام كاميرا العاشرة مساءً متأثراً لحرمان اطفاله غير المبرر من ابيهم.

الحقيقة أنا لاأستطيع أن أفهم كيف يتحول الود الذي دفع شخصين للإقتران بحرب ضروس بعد الطلاق تستخدم فيها اسلحة محرمة وهي الاطفال في تصفية الحسابات بين المطلقين.
ولا استطيع أن أفهم كيف تتحول عاطفة الأمومة الجياشة لعاصفة انتقام رهيب من الزوج لدرجة حرمان الأطفال من أبيهم وتأديب الزوج بهذه الطريقة !!!

وعلى الطرف الآخر هناك رجال ينتقمون من طليقاتهم بهذه القسوة والوحشية بحرمانهن من رؤية فلذات أكبادهن

ماهذه الوحشية والافتراء من الرجال او النساء الذين يقومون بهذا العمل الوحشي مدمرين لنفسية أطفال كالزهور اليانعة البريئة ولم يكن لهم ذنب ولا دور في الحرب بين الطرفين.
وكيف يتحول الخلاف لكره عميق يدفع ثمنه الابناء ويتصور كل طرف انه ينتقم من الطرف الآخر غير مدرك انه يحطم نفسيه الابناء الذين لاحول لهم ولا قوة في هذه الحرب.
ذكرتني عملية الطلاق المشوهة التي تحدث حولنا بحرب داحس والغبراء التي كلما حاول العقلاء دفع قيامها طلت الفتنة برأسها من جديد لتشعل فتيل الأزمة حتى أاندلعت الحرب ولم تبق ولم تذر لمدة اربعين عاماً.
لماذا لايتعالى المطلقين على أحزانهما اذا كانا قد إختارا الفراق طريقاً ؟؟؟
وحتى لو إختار احد الطرفين إنهاء العلاقة دون رغبة الطرف الآخر فماذنب الأطفال ؟؟؟
منتهى الأنانية التي تتنافى مع أبسط قواعد الابوة والأمومة

هنا يوجد البلوج الخاص بالاب الذي ينوي تاسيس جمعية لحق الرؤية سواء للاب أو الام التي يحرمها مطلقها من الأولاد

سديم وعلى ... بابا فين ؟

14 comments:

altwati said...

بيللا
صباح الخير
صدقت في تشبه الصراع بين الأم والأب في العائلة بحرب داحس والغبراء
إلا أن الحرب هنا لا تضع أوزارها أبدا ولا حتى بعد أربعين سنة
هنا مباراة في عض الأصابع بين الرجل والمرأة لا تتوقف ما داموا قد دخلوا إلى عش أو وكر الزوجية
من سيصرخ ويترك عليه أن يشرب الهوان
أما من سيتحمل قليلا فهناك ألف من يقرعه
إنها أشبه بالصراع على السلطة
حيث كل شئ مباح كما تفضلت
استعمال المدنيين كدروع بشرية
الكذب في وسائل الإعلام
والمحافل الأسرية
وكل يلجأ إلى محاميه
وتدور الدايرة
أعتقد أن هناك عيب سلوكي
يتعلق بالتربية ترينه في كل مكان
كلنا يجب أن ينتصر
فبذلك هزمنا جميعا
ككل متماسك
نحن أفراد منتصرون
داخل كل مهزوم تماما
تحياتي
على فكرتك الرائعة

Alexandrian far away said...

بيللا صباح الخير
أشكرك أولا على زيارتك لمدونتي وعلى الإشارة لتدوينتي الأخيرة عندك
أنا الحقيقة من المتابعين لمدونتك وإن لم يكن من فترة طويلة
ربما متابع غير منتظم لكنني متابع
حرب داحس والغبراء
تشبيه قوي
مبدئيا كان العرض التاريخي جميل وشامل
دائما ما كنت أتسال كيف يمكن أن يتشارك شخصان نفس الفراش ونفس الطبق ونفس البيت ونفس اللحظات الحميمية، ثم يستحيلان عدوين بكل تلك القساوة والبشاعة؟
أي قلوب تلك التي لا تحمل ولا قليل من الود لشريك الحياه
أنفصلوا نعم لكن كل تلك الكراهية والعدوانية حقيقة تجعلني اشك في القوى العقلية للكثيرين
تحياتي لك
ولا تحرميني الزيارات

Bella said...

altwati

مرحبا بك

الحقيقة ان الحرب بين الرجل والمرأة كما قلت انت تشتعل بمجر ودودهما في مكان ما معاً سواء ازواج او مطلقين
والضحايا طبعا معروفين

في البيت وفي عز الحياة الزوجية السعيدة نجد ان الكثير من الأباء والامهات لايبتعدون بخلافاتهم عن مسامع الابناء بل وربما يشركونهم معهم في تفاصيل الخناقة ايضا والام تشهد الاولاد على بابا الوحش وشايفين يااولاد

والاب يشهدهم على ميلة بخته وسوء اختياره

وكل طرف يظل يذكر الاطفال بالتضحية العظيمة التي قدمها ويقدمها بالبقاء مع هكذا انسان من اجل عيونكم ( الاطفال يعني )

وهكذا يظل الصراح مستعراً وياويله ياسواد ليله اللى يفكر يطلب الطلاق

ستحشد كل الجبهات ضده بداية من الاولاد ومرورا بالاهل خصوصا اهل الطرف الذي لم يفكر في الطلاق كحل

وهكذا تحفر الخنادق ويتمترس كل طرف خلف متاريسه ويبدا القتال الحقيقي وينتشر ويتوغل حتى تصل رائحته للقاصي والداني ويعرف الجميع أدق اسرار هذا البيت أو ذاك

لماذا ؟؟

عيوب خطيرة في تربيتنا الحقيقة وتحتاج لنقاش مستفيض

Anonymous said...

ظظظظظ

RealMan said...

مساء الخير ممكن تسيبوا موضوع الطلاق ده في حاله ده موضوع كبير الله يكرمكم وبيزعل ناس كتير.

Bella said...

Alexandrian far away

مرحبا بك

شرف كبير لي ان تكون من المتابعين لمدونتي

الحقيقة انا اكتشفت مدونتك بالصدفة من الجزء الاول لمقالك عن التنوير والمقالين مضافين عندي على الريدر
ومدونتك الحقيقة ثرية جدا

الحقيقة ان الكثير من حالات الارهاب الزوجي التي يمارسها احد الطرفين ضد الطرف الآخر كثيرا ماكانت تدهشني واستغرب جدا كيف يتحول الحب والهيام بين الزوجين لهذا الكره العنيف والخطير
فحتى لو توقف شخص عن حب شخص آخر فصعب جدا ان يكرهه ليس لان الشخص غير المحبوب كثير عليه الكره ولكن عملاً بمبدأ الخوف على القلب من دخول مشاعر الكره السلبية إليه

ولكن لم اجد إجابة عن سؤالي ولم اعرف كيف افسر التحول الفجائي العنيف من شدة الحب لشدة الكره والرغبة في الانقتم بوسائل غير شريفة اولها استغلال الاطفال في الحرب القذرة بين من كانوا يوماً ما يتقاسمون الحياة ثم اصبحوا يقتسمون الكره

أمر قاتل الحقيقة والأخطر ان يصدر من طرف على درجة ليست قليلة من العلم فتجد مثلا طبيب يمتنع عن الانفاق على أولاده نكاية بأمهم وحتى يكبلها بهم ولا يترك لها فرصة للاستدارة ولقظ الانفاس

وتقوم مهندسة مثلا بالهرب بأطفالها خارج البلاد لتحرم ابوهم منهم

ماهذه السادية ؟؟؟

الحقيقة اننا نعيش في مجتمع متخم بالعقد النفسية ويحتاج لإعادة تأهيل

عصفور المدينة said...

لازم نسمع داحس ونسمع الغبراء ونسمع القبائل كلها قبل ما نتعاطف
ساعات يا أخت بيلا بيقابلني مشاكل عائلية مش بابقى عارف أحكم مين غلطان رغم سماعي من الطرفين لأن في الآخر بتلاقي كمية أخطاء متراكبة ما تعرفيش تقولي إيه

Bella said...

RealMan

مرحبا بك

الموضوع ليس لمناقشة اسباب الطلاق ولا المشاكل التي تؤدي للطلاق

هو لمناقشة لماذا يستخدم الاباء والامهات ابنائهم كسلاح في الحرب الدائرة بينهم

يعني الامر بعيد عن الاسباب التي تؤدي اصلا للطلاق

Bella said...

عصفور المدينة

مرحبا بك

انا لاأتعاطف لا مع الىباء ولا مع الامهات الذين تفرقت بهم السبل ووصلت للطلاق

التعاطف هنا مع الاطفال الذين يتمزقون بين الطرفين

واتفق طبعا معك في وجوب سماع جميع الاطراف قبل النطق بأي حكم

وانا هنا لست بصدد تشريح موقف الام التي تحرم الاب من مشاهدة ابناءه
ولا موقف من الاب الذي يحرم الام من ابنائها

الابناء هم الضحايا في كل هذه المعارك

He and She said...

They dont need an association to make a parent see his/her kids if the law is applied. We have a law for that in Egypt but where is the authority to apply the law? My dear, when the divorce happen it is usually preceeded by Hate, Rage and Anger. Dont expect a descent civilized understanding negociations after that

Anonymous said...

اللى حصل ده اسمه انانية وحب انتقام وياريت الاب هو اللى بيدفع التمن لوحده لا ده النصيب الاكبر من شر الانتقام هيعود على الاطفال وهتدرك الام ذلك بعد ان لا ينفع الندم
ربنا يصبره

يا مراكبي said...

أولا بأسجل إعجابي بنشرك لقصة داحس والغبراء .. ثقافة نادرة اليومين دول

ثانيا بأسجل دهشة كبيرة جدا زيك كده من تحول المودة والرحمة بين الأزواج إلى حرب يكون ضحيتها الأطفال اللي مالهومش أي ذنب .. ومافيش طرف بيفكر في مصلحتهم

بأفتكر دايما الآية الكريمة اللي بتقول: وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا

الآية هنا بتستنكر إزاي ينسى الأزواج كل العلاقات الودية والحميمية في السابق وتتحول لمعركة بعد كده

دي مشكلة عقول أكتر منها عواطف .. ربنا يعافينا

Bella said...

He & She

مرحبا بك

اتفق معك في المشكلة ليست في القانون ولكن في تطبيقه

فالكثير من الامهات يحصلن مثلا على احكام بالنفقة ويتنصل المطلق من تنفيذ الحكم ويترك ابناءه جوعى ولا يحميهم القانون ببساطة لانه لاتوجد آلية لإجبار الاب على الدفع

وكذلك أمر المشاهدة يحتاج لمتابعة من الجهة التي تحكم لتقف على كون احد الوالدين ينفذ ام يماطل

الحقيقة انا لااتوقع ان تنتهي اي زيجة نهاية حضارية لان الوضع عندنا لايتسم اصلا بالحضارية في نقاش ابسط الامور فمابالك بنهاية علاقة وتفكك اسرة
فطبيعي ان تقوم بين الزوجين سابقا والمطلقين حاليا حواجز كثيرة وتوترات اكثر

المتعب فعلا هو دخول الابناء في هذا الصراع

Bella said...

hend

مرحبا بك

الانانية موجودة على الصعيدين

هناك الكثير من الرجال الذين ينتقمون من طليقاتهن ابشع انتقام بحرمانهن من رؤية الابناء او ترك الابناء معها ولكن الامتناع عن الانفاق على الابناء كنوع من تكبيل المرأة بالمزيد من الاعباء

هي انانية بلا شك عندما يمارس طرف قوي القهر ضد الطرف الآخر مستغلا الاطفال في هذا الصراع